جائني بالماء يروي عطشي .. صاحب لي من الأوفياء .. يا صديقي جنب الماء فمي .عطش الارواح لا يسقى بماء

جائني بالماء يروي عطشي .. صاحب لي من الأوفياء .. يا صديقي جنب الماء فمي .عطش الارواح لا يسقى بماء

هذه انا

صورتي
دسماوية من الوريد الى الوريد, Kuwait
هناأحتفظ بما يعجبني من معلومات و عبارات و أشعار وصور

الأربعاء، 6 أبريل 2011

حكاية










استولت عصابة من صعاليك العرب على رأس جبل فاعتصمت به وقطعت الطريق على القوافل التي تمر من شعبه ،فروعت رعايا تلك البلدان وقهرت جنود السلطان ولما كان لذلك المكان من المناعة بحيث يصعب الاستيلاء علية ، تشاور سلطان تلك القرى مع وزرائه بالطريقة التي تنقذهم من أولئك الأشرار وقالوا : إذا استمرت هذه العصابة مدة طويلة على ما نراه منها فعندئذ يستحيل مقاومتها ( تستطيع نزع الغرسة الصغيرة بعد شهور دون أي كلفة ، ولكن متى ما مد الزمان جذرها تعييك أن تنزع عنها قشرها ) و على هذا قرروا إرسال عددا من رجالهم الأشداء الذين عاركوا الدهر ومارسوا الحروب و أوصوهم أن يكمنوا بشعب الجبل । وفي تلك الليلة هاجم أولئك اللصوص قافلة ولما رجعوا من غارتهم وقد أنهكهم التعب وأعياهم الغلب ألقوا غنائمهم وأسلحتهم وأسرع النوم إلى جفونهم فناموا






(بيت )



لقد غاب قرص الشمس في غيهب الدجى ،،كما غاب قٍدما في فم الحوت يونس






حتى إذا مضى هزيعُ من الليل وقد استغرقوا في نومهم خرج عليهم أولئك الشجعان من مكمنهم فأوثقوهم كتافا ، وفي الصباح أحضروهم بين يدي السلطان فأمر بقتلهم و صادف أن يكون معهم غلاما في ميعة الصبا وعنفوان الشباب رآه احد الوزراء فـأعجبته شمائله و غرته مخايلة و أشفق عليه فانحنى بين يدي السلطان وقد بسط إليه أكف الضراعة متشفعا وقال : هذا الغلام يا سيدي لم يتمتع كرفاقه بريعان الشباب ولم يقتطف بعد ثمار الحياة ولذلك فإنني أتوسل بكرم أخلاق السلطان أن لي دمه فيطوق عبده بهذه المنة أبد الدهر ، فما كان من السلطان إلا أن أكفهر وجهه لان هذا الكلام لم يوافق رأيه السامي فأنشد قائلا :






(بيت )



لا يستقر العرف مع ذي طينة فاسدة كالجوز في أعلى القبب






فالأولى والأفضل يا وزيري أن نقطع نسل هؤلاء الأشرار وان تستأصل جرثومتهم من أساسها , فليس من عمل العقلاء أن تخمد اللهب وتترك الجمر ، وأن تقتل الأفعى و تحتفظ بفرخها






(بيت)



يا من أ ضعت مع الأشرار عمرك ما جنيت من حنظل ٍ شهدا ولا سكرا






سمع الوزير هذا الكلام و تظاهر بقبوله وأثنى على حسن رأي السلطان ، ولكنه قال : إن ما أمر به السلطان هو عين الحقيقة ، فلو أن هذا الغلام بقي مع أولئك الأشرار وتربى تربيتهم فلا بد أن تلازمه طبيعتهم ، أما أنا يا سيدي فآمل أنه سيتربى تربيه الصلحاء و يتمسك بطبيعة العقلاء لأنه لا يزال طفلا لم تتأثر نفسه بسيرة الغي والعناد التي تدرج عليها جماعته ، وفي الحديث قد جاء يا مولاي ( ما من مولد إلا وقد يولد على الفطرة ثم أن أبواه يهودانه و ينصرانه أو يمجسانه )






(بيت)



لم يفدها فضل النبوة زوج لوط ٍ لصحبة الأشرار



وتعالى عن جنسه كلب أهل الكهف صيتا لصحبة الأخيار






هذا ما تشفع به الوزير وأعانه في هذه الشفاعة طائفة من الندماء حتى عفا السلطان عن دمه ولكنه قال : وهبت وإن لم أرى في الهبة مصلحة وصفوة القول أن الوزير أخذه إلى بيته ليرفل بحلل أنعامة وعين له أستاذا أديبا لتربيته فتعلم حسن الخطاب و رد الجواب و سائر الآداب حتى حاز إعجاب الجميع ، وذات مرة أطرى الوزير بعضا من شمائله بمجلس السلطان و قال أن تربيت العقلاء أثرت فيه تأثيرا حسنا فتبسم السلطان و قال :






(فالذئب فاتك خطر ولو تربى مع الإنسان في المدن )






مرت عليهم سنوات طويلة و اتصل الغلام بأوباش السلطنة و أخذ ينادمهم حتى عقد معهم اتفاقا على خيانة الوزير و أولاده وأخذ كل مالديه من المال والكنوز وأخذ رفاق السوء للمغارة التي كانت ملجأ أبيه و قام مقام أبيه وأصبح عاصيا فتحير السلطان و عض بنان الندم و قال :






(بيت)



من رديء الحديد يمكن أن تصنع يا ذا الحجا حساما صقيلا



غير أن اللئيم مهما تربى فمحال أن يستحيل نبيلا






راوية قرأتها في كلستان سعدي الشيرازي